التعليم وال (خطية) والفساد وكوارث أخري

 

فارس حامد عبد الكريم

 

لاشك ان التعليم ومدي جودة بنيته التحتية قد أخرج دولاً من تحت ركام الجهل والتخلف والبدائية والحروب … لتغدوا عملاقاً إقتصادياً ينافس إقتصادياً أقوي الدول في العالم المعاصر ، بينما كان انحدار مستواه قد اخرج دول من نطاق المنافسة بعد ان شهد بداية قوية وصعود ملحوظ في نظام تربوي ناشئ كما في العراق بعد ان انحدرت به الثوريات المزيفة والتثقيف الحزبي المتحيز الملئ بالغباء شخوصاً ومضموناً الي الحضيض الكلي!!

 

التجربة الكورية للتعليم؛

هل كانت كوريا الجنوبية افقر دولة في العالم سنة 1960. !

حسب تقرير التنمية البشرية الذي يصدر عن هيئة الامم المتحدة سنوياً، ان الهيئة أوصت بدراسة وتحليل اقتصايات الدول من حيث الاقتصاد والبنية التحتية ومستوي الفقر ومعدل دخل الفرد السنوي …

وجاء تصنيف كوريا الجنوبية لسنة 1960 ضمن الجدول الذي يضم الدول الأفقر علي مستوي العالم: (السودان، غانا، موزمبيق، كوريا الجنوبية) ومعدل دخل الفرد كان فيها لا يتجاوز 79 دولاراً في السنة !!

 

هل هذه مزحة؟

لا انا جاد جداً في جدي ومزاحي دائماً.

ولكن السؤال كيف تحولت كوريا من افقر دولة في العالم سنة 1960 الي عملاق اسيوي اعتباراً من ثمانينات القرن الماضي اي خلال عشرين سنة فقط لتصنف ضمن: مجموعة العشرين لأكبر اقتصادات العالم.

لقد طبقوا نظام التعليم الياباني الدي اخرجها من ركام القنبلة الذرية الي عملاق ينافس بقوة ويوجه اقتصادياً اقوي الضربات لإقتصاديات من قصفه بالذرية … نظام تعليم متشدد يأخذ فيه كل صاحب حق حقه اما غير المتمكن فيخرج من نطاقه في وقت مبكر الي اعمال ومهن تتلائم مع قدراته بدون (يله خطية نجحوه) دمرتنا هذه ال (خطية) دماراً اجتماعياً شاملاً مادامت تأتي في غير مناسبتها وفي غير مكانها.

 

وإذا قلنا إن النظام التعليمي في كوريا الجنوبية هو الأفضل ويصنف بأنه الأول علي مستوي العالم إلا هذا لا يمنع أنه الأشد قسوة علي الطلاب، فاليوم الدراسي الكوري يستغرق نحو 12 ساعة.

 

، فيبدأ اليوم تقريبًا في الثامنة صباحًا، وتظل المدارس مفتوحة حتي الساعة الثانية عشرة صباحًا. وحتي الساعة الحادية عشرة مساءً ستجد الشوارع مكتظة بالطلاب والآباء.

 

ينقسم اليوم المدرسي في كوريا إلي: يوم دراسي رئيسي، وصفوف تقوية، اليوم الدراسي الرئيسي يقسم إلي 7 دروس وساعة للغداء، مدة الدرس 50 دقيقة، مع وجود 10 دقائق راحة بين الدروس، بعد مرور 4 دروس يحصل الطلاب علي راحة لمدة ساعة للغداء، تُقدم فيها المدرسة وجبات صحية وشهية للطلاب، ثم بعد ذلك يعودون لاستئناف يومهم الدراسي أو ما تبقي منه أي 3 دروس وينتهي في الخامسة.

 

التجربة العراقية للتعليم

لانريد العودة الي زمن الملك البابلي العظيم حمورابي حيث أسست أول مدرسة نظامية لتعليم الطلاب في التاريخ.

ولكن في بدايات تشكيل الدولة العراق في مطلع القرن العشرين أُسس نظام تعليمي يقوم علي بني تحتية ذات جودة عالية، ابنية مدرسية غطت اجزاء واسعة من مدن وأرياف العراق، وتم إعداد معلمين ومدرسين علي قدر عال من التأهيل العلمي والتربوي فضلاً عن الثقافة الشخصية المعتبرة، يقودها نظام اداري هرمي حديث ووزارة للمعارف، فضلاً عن نظام مراقبة وتفتيش فعال يراقب تطبيق معايير الجودة والأسس الحديثة للتربية، وكانت هناك دوماً رغبة وطنية صادقة لجميع أعضاء الهيئات التعليمية لتطوير التعليم وزيادة جودة الطلاب..

 

نحن الآن في مشكلة عويصة اومجموعة مشاكل عويصة في مجالات متنوعة من أوجه الحياة المعاصرة كانت حلولها قد وضعت قبل قرن من الزمان ولكنها ضاعت او تم تَضيعها عن عمد وعن إهمال …. نعود ونقول ان الفاسدين قد أضاعوا علينا اكثر من 18 سنة من فرص التعليم والتطور .. والله حرامات