داعش يتجول في مساحة واسعة و خالية من السكان والقوات الأمنية

 

 

يطمح تنظيم “داعش” منذ عدة أشهر الى ارباك الاوضاع في ديالى، حيث تعد المعبر الرئيسي لمسلحي التنظيم بين عدة محافظات وطريق التهريب بين دولتين جارتين.

ويستهدف التنظيم ضمن ذلك المخطط، القرى النائية والنقاط العسكرية المعزولة، حيث يعتبر السكان والجنود في تلك المواضع بحكم “المعدومين”.

حيث تبعد مراكز الاسناد اثناء الهجمات عدة كيلومترات، في وقت لا يستغرق التنظيم في “حفلات الاعدام” الجماعي التي ينفذها سوى دقائق.

وترفض بالمقابل اطراف سياسية تسليح السكان او حتى اعادة المبعدين الى قراهم، كما ان تجهيزات القوات الامنية اقل من مستوى ما يملكه “داعش”.

 

 

مسافة الاشتباك صفر

واستطاع التنظيم فجر الجمعة الماضية، مهاجمة نقطة عسكرية في ناحية العظيم، شمال غربي ديالى، وقتل أكثر الجنود داخل غرف النوم.

وبحسب توقعات مصادر امنية في أحد الاجهزة الامنية، فان المهاجمين “عددهم 5 افراد”، مشيرا الى انهم بعد الهجوم “تركوا اسلحة كثيرة تابعة لعناصر النقطة لعدم قدرتهم على حملها بسبب عددهم القليل”.

وفي العامين الماضيين، بدأ “داعش” باستخدام اسلوب “المفارز الصغيرة”، حيث يتنقل ويهاجم بما بين 5 الى 10 افراد، بينما ينشر قناصين حول مكان الهجوم، ويلغم الطريق اثناء الانسحاب لمنع محاولات تعقبه.

المصادر اكدت لـ(المدى) ان “الهجوم جرى بعد الساعة الـ 2 من بعد منتصف ليلة الخميس على الجمعة الماضية، واستمر لنحو نصف ساعة”.

اغلب الاشتباكات كانت قريبة جدا حيث جرت داخل غرف نوم الجنود، إذ قتل التنظيم 11 عسكريا من بينهم ضابط، فيما نجى جندي واحد كان في غرفة اخرى اثناء الهجوم، وهم جميع عناصر السرية.

ويشغل مقر السرية الذي تعرض للهجوم منزل أحد سكان قرية القلعة، التي هجرها سكانها ولم يعودوا اليها منذ أكثر من 6 سنوات.

وتؤكد المصادر ان “البيت مبني من الكونكريت المسلح، لكن السواتر الرئيسية والثانية البديلة او ما يطلق عليها (الكمين) كانت بدائية”.

وحمل محافظ ديالى، مثنى التميمي، مسؤولية الحادث الى عناصر السرّية الذين كان بينهم ضابط برتبة ملازم.

وقال التميمي وهو عضو في منظمة بدر، في تصريحات صحفية ان “الهجوم حدث بسبب اهمال الجنود”، مؤكدا ان “عناصر السرية تركوا واجباتهم بسبب برودة المناخ”.

 

 

تحت جبل حمرين

المهاجمون كانوا قد فجروا الكاميرات اثناء الهجوم، فيما كانت قبل ذلك معلومات عن هجمات محتملة ضد نقاط عسكرية في ديالى.

وتضيف المصادر التي طلبت عدم نشر هويتها لحساسية المعلومات ان “المهاجمين يأتون من صلاح الدين، وخاصة من قرى مطيبيجة التي تقع تحت سفح جبل حمرين”.

وفي ايلول الماضي، حاول مسلحون احتلال قرية قريبة من العظيم، بعد ان سيطروا على النقطة العسكرية التابعة للفوج الأول ضمن الفرقة الثانية للجيش، وقتل 3 جنود واصابة واحد.

وبعد احتلال النقطة العسكرية بدأ “داعش” بالترتيب للدخول الى القرية، لكن وصول التعزيزات العسكرية دفعه للهروب الى قرى مطيبيجة.

وجمعت مطيبيجة خلال سيطرة “داعش” على صلاح الدين، 5 ولايات داعشية هي: ولاية ديالى، كركوك، صلاح الدين، دجلة، بالاضافة الى ولاية الجبل.

ومثلت تلك القرى خطراً مستمراً على المحافظتين اضافة الى كركوك، ومطيبيجة أعلن أنها تحررت 5 مرات، آخرها كان في كانون الاول 2017.

 

الثأر للضحايا

ووعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عقب الحادث، بمحاسبة المقصرين بالهجوم و”الثار” لدماء الضحايا.

وذكر بيان صادر عن رئاسة الوزراء أن الكاظمي وعد باطلاق “عمليات عسكرية لملاحقة فلول داعش الإرهابي والإطاحة بقياداته”.

وحسب الكاظمي أن “فلول داعش قد قُصم ظهرها، وباتت ترتكب الجرائم عشوائياً بعد أن خسرت كلّ وجودها على الأرض”.

وكان العراق قد أعلن نهاية 2017، النصر على تنظيم “داعش” بعد قتال دام نحو 3 سنوات، كلف 100 مليار دولار خسائر وعشرات آلاف من الضحايا.

 

 

قرى فارغة

وبحسب عبد الجبار العبيدي، وهو مدير ناحية العظيم التي جرى فيها الحادث، ان “داعش يمر بـ17 قرية بين ديالى وصلاح الدين لم يعد سكانها”.

واضطر اغلب سكان القرى الى النزوح في 2014، في اعقاب انتشار التنظيم، بينما منعت التدابير الأمنية بعد ذلك ورفض بعض الأطراف السياسية عودتهم مجددا.

ويقول العبيدي في اتصال مع (المدى) ان: “اعادة النازحين الى تلك المناطق ومنحهم حق الدفاع عن مناطقهم يكون حل أفضل”.

وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قد دعا إلى تسليح أبناء المناطق “الساخنة” لعدم تكرار حادثة العظيم.

وقال الحلبوسي في تغريدة على “تويتر” إن “تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف قواتنا العسكرية والأمنية، يتطلب رداً قوياً وعملاً استخبارياً مبادراً واستباقياً بمستوى الخطر الذي يهدد أمن الوطن والمواطن”.

وأضاف أن “ملاحقة فلول داعش ودك أوكارهم وتسليح أبناء المناطق وتدريبهم سيكون كفيلاً بعدم تكرار هذه الحوادث الإجرامية”.

ويأتي ذلك الحادث في وقت يسيطر فيه “داعش” على سجن في منطقة الحسكة السورية القريبة من الحدود، والخوف من تسلل السجناء وهم “دواعش” الى العراق وتواصلهم مع الخلايا النائمة.

 

 

ممنوع السلاح!

وتشير مصادر سياسية في ديالى الى ان “عمليات تخريب واسعة تجري منذ اشهر في ديالى حيث ترتبط مع 5 محافظات والمسلحون يتنقلون عبرها من ايران الى سوريا من خلال صلاح الدين والموصل”.

ويضيف المصدر وهو عضو في احد الاحزاب السنية في ديالى ان “جهات سياسية تمنع تسليح ابناء القرى او توسيع المتطوعين من سكان القرى في القوات الامنية لمنع تحرك تلك الجماعات”.

ويتابع المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه ان تلك الاطراف “تريد اضعاف المناطق السنية وتدعي ان السلاح سيذهب الى داعش”.

وتعتقد اطراف سياسية ان هناك صلات مازالت بين بعض المدنيين او العوائل التي تسكن البلدات و”الخلايا النائمة” والتي يمكن ان يتسرب لها السلاح.

 

القتال حتى الموت!

وتشير المصادر الامنية الى ان “هناك فراغا امنيا بطول 70 كم من الضلوعية، جنوبي صلاح الدين الى العظيم، وبعرض 50 كم”، وهو وراء تنقل المسلحين بين المحافظتين.

بالمقابل ان النقاط العسكرية داخل العظيم بعيدة عن مقرات الفوج، حيث تصل المسافة الى 6 كم، بينما هجمات “داعش” تستغرق بين “15 الى 30 دقيقة”، والثكنات لديها اوامر باستمرار القتال لأطول وقت لحين وصول التعزيزات.

ويقول مدير ناحية العظيم :”الافضل ان تكون هناك طائرات مسيرة وكاميرات حرارية بدل تعريض الجنود الى الموت في مناطق معزولة”.